ما هي الطاقة النظيفة المتجددة؟ وكيف تعمل؟ وما هي أنواعها؟
محتوى المقال
منذ قيام الثورة الصناعية كانت مصادر الطاقة جميعها تعتمد على الوقود الأحفوري الضار للبيئة والذي كان له الأثر الأكبر على الاحتباس الحراري، كذلك له آثار ضارة على صحة الإنسان، حيث أن ثلاثة أرباع انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية ناتجة عن حرق الوقود الأحفوري من أجل توفير الطاقة للمستهلكين، كما أن الوقود الأحفوري مسؤول عن كميات كبيرة من مسببات التلوث للهواء، وهذا يؤدي إلى الكثير من المشاكل الصحية والتي تسبب ما لا يقل عن 5 ملايين وفاة مبكرة كل عام.
ستلعب الطاقة النظيفة دوراً رئيسياً في إزالة الكاربون من أنظمة الطاقة التي نعتمدها في الوقت الحالي، حيث أنه وللحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وتلوث الهواء، يحتاج العالم إلى التحول بسرعة نحو مصادر الطاقة منخفضة الكاربون.
ما هي الطاقة النظيفة؟
الطاقة النظيفة أو المتجددة (المستدامة) هي الطاقة المشتقة من المصادر الطبيعية والتي يعتبر معدل تجديدها أعلى من معدل استهلاكها، لذلك تعتبر مصادر الطاقة المتجددة مصادر لا تنضب مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية المستعملة في الوقت الحالي وهي الفحم والنفط والغاز والتي إضافة إلى كونها تنضب فإنها تحتاج إلى مئات الملايين من السنين لكي يتم تجديدها.
أما مصادر الطاقة المتجددة فهي طاقة متوفرة دائماً ولا تنضب، وموجودة في كل مكان تقريباً، إضافة إلى ذلك فإن الوقود الأحفوري يتسبب في الانبعاثات الضارة للبيئة وصحة الإنسان، وزيادة الاحتباس الحراري والتي أهمها غاز ثاني أوكسيد الكاربون.
الطاقة النظيفة المتجددة ينتج عنها توليد انبعاثات أقل بكثير من الطاقة الناتجة من حرق الوقود الأحفوري، وتعد أمراً أساسياً في الهدف المتمثل في معالجة أزمة المناخ التي يعاني منها كوكبنا في الوقت الحالي، ويعد التحول إليها من الوقود الأحفوري الذي يمثل حالياً المصدر الأساسي للطاقة أمراً لا مفر منه،
وقد أصبحت الطاقة المتجددة في الآونة الأخيرة أرخص في معظم البلدان وفي متناول الجميع، كما أنها تولد وظائف أكثر بثلاث مرات من الوقود الأحفوري.
كيف تعمل الطاقة النظيفة؟
إن مصادر الطاقة المتجددة كما قلنا هي مصادر لا تنضب وموجودة في كل مكان، ومن أنواع هذه الطاقة هي طاقة الرياح، والشمس، وحركة المياه، من الشلالات والمحيطات، حيث يتم تحويل الطاقة الموجودة في كل نوع من أنواع هذه المصادر إلى طاقة كهربائية يتم الاستفادة منها.
في حالة الوقود الأحفوري يتم تحويل الطاقة الحرارية التي تنتج من حرق الوقود الأحفوري إلى عدة أنواع من الطاقة منها الطاقة الكهربائية، ولكن البصمة الكربونية للطاقة الناتجة من مصادر الطاقة المتجددة تكاد تكون معدومة، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل التأثيرات السلبية المتأتية من الوقود الأحفوري.
أنواع مصادر الطاقة النظيفة
مصادر الطاقة النظيفة المتجددة كثيرة ومتنوعة وفي متناول الجميع، حيث أنها أصبحت أرخص بشكل كبير، ومنها:
01. طاقة الشمس
تعتبر الطاقة الشمسية من أكثر مصادر الطاقة النظيفة المتجددة وفرة من بين بقية المصادر، ويمكن الاستفادة منها حتى في حالة الطقس الغائم، حيث أن معدل تعرض الأرض للطاقة الشمسية كبير جداً ويزيد بمعدل عشرة آلاف مرة عن معدل استهلاك البشر للطاقة.
يتم تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية عن طريق الألواح الكهروضوئية، أو من خلال المرايا التي تركز الإشعاع الشمسي، وعلى الرغم من أن الطاقة الشمسية متوفرة في كل البلدان إلا أن شدتها ليست متساوية وتختلف من بلد لآخر، ولكن يمكن حتى للبلدان التي تحصل على القليل من الطاقة الشمسية المساهمة في تزويد شبكة الطاقة الكلية.
يمكن عن طريق تقنيات الطاقة الشمسية توفير الحرارة والتبريد والإضاءة الطبيعية والكهرباء والوقود لمجموعة كبيرة من التطبيقات. وفي الآونة الأخيرة انخفضت تكاليف إنتاج الطاقة الشمسية؛ بانخفاض تكاليف تصنيع ألواحها بشكل كبير خلال العشر سنوات الماضية، الأمر الذي يجعل هذه الطاقة في متناول الجميع. إضافة إلى كونها أرخص نوع من أنواع الطاقة الكهربائية، فإن عمر الألواح الشمسية يبلغ حوالي ثلاثين عاماً، وتأتي هذه الألواح بأنواع مختلفة حسب درجة تصنيعها والمادة المستخدمة في صناعتها.
02. طاقة الرياح
طاقة الرياح هي الطاقة الناتجة من حركة الهواء، حيث يتم تحريك توربينات الرياح الكبيرة الموجودة على الأرض، أو في البحر أو المياه العذبة. إن طاقة الرياح يتم استخدامها منذ آلاف السنين ويتم طوال الوقت تطوير تقنيات توليد الكهرباء من الرياح على اليابسة والبحر من أجل الحصول على أكبر قدر من الكهرباء المنتجة من الرياح، عن طريق استخدام توربينات أطول وأقطار دوارة أكبر.
معظم أجزاء العالم لديها سرعة رياح قوية، ولكن هذه السرعة متباينة بشكل كبير حسب الموقع الجغرافي، علماً أن المواقع المناسبة لتوليد الطاقة من الرياح تكون في أماكن نائية، إلا أن الإمكانات التقنية العالمية لطاقة الرياح كبيرة جداً وتتجاوز إنتاج الكهرباء العالمي في الوقت الحالي، وهناك إمكانية كبيرة جداً لنشر طاقة الرياح بشكل كبير.
03. طاقة الحرارة الأرضية
تنتج هذه الطاقة من الحرارة التي تخرج من الأرض، وتكون عبارة عن خزانات للمياه الساخنة الموجودة على الطبقة العليا للأرض في درجات حرارة مختلفة، أو المكامن التي يتم عملها عن طريق البشر بحفر آبار داخل الأرض تتراوح أعماقها بين أمتار قليلة إلى عدة كيلومترات.
يتم في هذه الخزانات الاستفادة من البخار والمياه الساخنة التي يمكن استخراجها إلى السطح وذلك من أجل استخدامها في الكثير من التطبيقات، مثل توليد الكهرباء والاستخدام المباشر لها في تطبيقات مثل التدفئة والتبريد.
التقنية التي يتم عن طريقها استعمال هذه المياه الساخنة من خزانات المياه تعتبر تقنية ناضجة ومعتمد عليها وتعمل منذ مئات السنين.
04. طاقة المياه
تستغل هذه الطاقة طاقة المياه الحركية عند تحركه من الأماكن العالية إلى الأماكن الواطئة، ويمكن أن يتم توليد هذه الطاقة من البحيرات الاصطناعية التي يتم عملها عن طريق إنشاء السدود، إضافة إلى الأنهار والشلالات، حيث تعتمد محطات الطاقة الكهرومائية على المياه المخزنة في هذه البحيرات، بينما في الأنهر يتم استغلال طاقة الجريان في مياه الأنهر من أجل توليد الطاقة الكهرومائية.
في وقتنا الحالي تعد الطاقة الكهرومائية أكبر مصدر من مصادر الطاقة المتجددة في قطاع الكهرباء، وتعتمد هذه الطاقة على هطول الأمطار، ويمكن أن تتأثر بشكل سلبي في حالات الجفاف أو التغيرات في النظم البيئية التي يسببها تغير المناخ والتي تؤثر على أنماط هطول الأمطار.
ولكن يمكن أن تؤثر البنية التحتية اللازمة لتوليد الطاقة الكهرومائية تأثيراً سلبياً على النظم البيئية التي يتم إنشاؤها فيها، لذلك يتم تفضيل نظم الطاقة الكهرومائية الصغيرة والتي تعتبر أكثر صداقة مع البيئة، وتناسب بشكل خاص المجتمعات الموجودة في أماكن نائية.
05. طاقة المحيط
تستمد طاقة المحيط من التقنيات التي يتم تطويرها من أجل استخدام الطاقة الحركية والحرارية لمياه البحار (مثل الأمواج أو التيارات) من أجل إن يتم إنتاج الكهرباء أو الحرارة.
لا تزال تقنيات استخدام طاقة المحيطات في بداية مراحل تطويرها، مع وجود عدد لا بأس به من النماذج الأولية لأجهزة موجات البحر وتيارات المد والجزر، حيث أن الإمكانات النظرية لهذه التقنية يمكن لها وبسهولة أن تتجاوز في كميتها مقدار ما يتم استهلاكه من طاقة من قبل البشر في الوقت الحالي.
06. الطاقة الحيوية
على الرغم من أن هذا النوع من الطاقة يحتوي على انبعاثات كربونية تساهم في الاحتباس الحراري إلا أنها أقل من الانبعاثات الناتجة من حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم أو النفط أو الغاز.
حيث يتم إنتاج هذه الطاقة من حرق مجموعة متنوعة من المواد العضوية مثل الخشب والفحم والروث وغيرها من السماد الطبيعي، والتي تسمى الكتلة الحيوية Biomass، لإنتاج الحرارة والطاقة، والمحاصيل الزراعية للوقود الحيوي السائل. وتستخدم معظم هذه الكتلة الحيوية في المناطق الريفية، لأغراض الطهي والإضاءة والتدفئة، حيث أنها وبشكل عام يتم استخدامها من قبل الناس الأكثير فقراً في البلدان النامية.
أنظمة الكتلة الحيوية الحديثة تضم المحاصيل أو الأشجار المخصصة لاستخدامها كوقود حيوي، إضافة إلى المخلفات من الزراعة والغابات، وغيرها الكثير من مصادر النفايات العضوية.
بالنظر للآثار السلبية للطاقة الحيوية المحتملة المتعلقة بالزيادة الكبيرة بالغابات والمزارع التي يتم تخصيصها لأغراض الطاقة الحيوية وما ينتج عن ذلك من عمليات إزالة للغابات الطبيعية وتغير في استخدام الأراضي، فإنه يجب أن يتم تحديد عمليات استخدام الطاقة الحيوية في تطبيقات معينة ومحدودة، حفاظاً على البيئة.
فوائد الطاقة النظيفة
هناك فوائد عديدة يمكن الحصول عليها من توفير الطاقة عن طريق مصادر الطاقة المتجددة، منها تكلفتها شبه المجانية مقارنة بتكلفة الطاقة التي يمكن تحصيلها من الوقود الأحفوري، إضافة إلى الفرص المتحصلة من الوظائف الجديدة التي يمكن أن يتم إيجادها بسبب التطور المستمر للقيام بعمليات تشغيل وتركيب وتطوير حلول الطاقة المتجددة، كما أن حلول الطاقة المتجددة توفر عملية وصول أسهل وأكبر للطاقة في الدول النامية ويمكن أن تقلل فواتير الطاقة.
أما أحد أكبر فوائد الطاقة المتجددة فهي كونها طاقة نظيفة خضراء، لا تحتوي على انبعاثات ضارة للبيئة أو أقلها تحتوي على كمية قليلة جداً من هذه الانبعاثات مقارنة بالوقود الأحفوري.
ولكن وعلى الرغم من هذه الفوائد المتحصلة من الطاقة المتجددة فإنها لا زالت في بدايتها ولا يمكن الاكتفاء منها والاعتماد عليها بشكل كلي، حيث أنه عند غروب الشمس أو اختفائها خلف الغيوم، فلا يمكن للخلايا الشمسية توليد الطاقة منها، وفي حالة عدم هبوب الرياح فلا يمكن إدارة توربينات الرياح وبالتالي توليد الطاقة منها، لذلك فإنه في الوقت الحالي لا يمكن الاستغناء عن الطاقة التي يتم الحصول عليها من الوقود الأحفوري، إلا بعد تطوير تقنيات الحصول على الطاقة النظيفة إضافة إلى تطوير تقنيات خزن الطاقة لمدة طويلة لتعويض أوقات نقص الطاقة من مصدرها.