أشهر الروبوتات الاجتماعية الصديقة للبشر
محتوى المقال
تخيل أنك تسير في الشارع برفقة رجل آلي يكون من أعز أصدقائك! أو أن تكون عائد من العمل إلى البيت ويستقبلك روبوت بعناق طويل وكلمات الترحيب، أو يساعدك ببعض أعمالك، أو ممكن أن يكون حارسك الشخصي والأمين. ربما مثل هذه المشاهد لا نراها، ولا يمكن أن نراها إلا في أفلام الخيال العلمي وحرب النجوم وغيرها.
لكن هذا الأمر، في الواقع صعبٌ جدًا، بل وقد يصبح مستحيلًا في بعض الأحيان! وذلك لأن الآلات لا تملك تلك العواطف والمشاعر التي يمتلكها الإنسان، لهذا يصعب عليها القيام ببعض الوظائف أو الحركات العاطفية على سبيل المثال؛ كالضحك، والابتسامة، وغيرها. لذلك قرر العلماء العمل على هذا! فقد تم عمل غرفة بحث كاملة تدرس هذا الموضوع أطلق عليها، (التفاعل بين الإنسان والروبوت)، واختصارا HRI.
وقبل أن ندخل في هذه الدراسة إليكم تعريف بسيط عن (الروبوت): هو علم تصميم وهندسة، فالروبوت آلة يتم تحريكها بطريقة أوتوماتيكية وبأوامر بشرية لتنفيذ عمل أو مهمة معينة. أما عن علم الروبوت وصناعته وتطبيقه وهيكلته فتجتمع فيه ثلاث جوانب رئيسية؛ وهي الميكانيكا، والإلكترونيات، والبرمجة.
غرفة HRI
تقوم على أساس دراسة مدى تفاعل الناس مع الروبوتات، والاستجابة لها، لهذا يعمل العديد من الباحثين في فريق HRI على صنع روبوتات تكون أكثر ودية وثقة، على أمل أن تستطيع هذه الروبوتات مستقبلا أن تكون علاقة صداقة مع الإنسان.
في وقت الحاضر يتم استخدام الروبوتات في نطاق ضيق وأماكن محددة، كالمطارات والمستشفيات وغيرها، طبعا في الدول المتقدمة علميا كالصين واليابان. لكن هل ممكن أن يصل الروبوت إلى مرحلة أن يصبح صديقًا للإنسان؟! الباحثون ما زالوا يشككون بكلمة صديق، فالبشر بحاجة إلى إنشاء علاقات مع بشر مثلهم بأحاسيس ومشاعر، وليس مع آلة.
يمكن للروبوت أن يكون للإنسان أفضل مساعد له في الكثير من الأعمال وهذا قد يساعد في إنشاء نوع من التقارب، لكن ليس إلى درجة الصداقة. يمكن أن يكونوا رفقاء يقظين وأذكياء، أو حتى مجرد ألعاب تشعرنا بالسعادة. مع ذلك، العلماء والباحثون ما زالوا يعملون على طريقة لجعل الروبوت يصل إلى أكثر من ذلك، ليس ليصبح صديقا للإنسان بل لو حتى شبه الصديق.
أشهر الروبوتات الاجتماعية
كما ذكرنا آنفا إنه الآن وفي الوقت الحاضر هناك بعض الروبوتات موجودة على أرض الواقع وتؤدي واجباتها التي صنعت من أجلها، وهنا سنذكر بعضًا منها.
01. الروبوت فلفل (Pepper)
الروبوت فلفل أو بيبر يبلغ طوله 120سم تم تطويره من شركة سوفت بانك يعمل في بعض المطارات، والمستشفيات، ومحال بيع التجزئة، كدليل. رغم أن هذا الروبوت شغل الكثير من الوظائف وبالخصوص في فترة الجائحة مثل حارس للبنايات، ومشجع في الملاعب لبعض المباريات، وفي دور العجزة والمسنين، وكاهن لتأدية طقوس الجنائز، إلا أنه لم يستمر وتم فصله من هذه الوظائف، والتخلي عنه، بسبب قدرته المحدودة في أداء المهام ولم ينجح في أن يكون بديلًا للأيدي العاملة البشرية.
02. الروبوت بارو (Paro)
هذا الروبوت المحبوب ذو الهيئة ناعمة من أشهر الروبوتات الاجتماعية، يعمل على إراحة الناس في بعض المستشفيات ودور المسنين. أي إنها تقدم الرفقة كأنها حيوان أليف.
هذا الروبوت في الغالب يكون شكله يشبه أشكال الحيوانات، لذلك يستخدم في المستشفيات ودور المسنين كنوع من التسلية. هذا النوع من الروبوتات، يفيد في الأماكن التي يمنع دخول الحيوانات فيها.
03. الروبوت مايرو-أي (MiRo-E)
هذا الروبوت هو أيضا يعطي شبها إلى الحيوانات الأليفة، إلا إنه مختلف ومتطور أكثر عن الروبوتات الأخرى، فهو صمم ليتفاعل مع الإنسان ويستجيب له، فهو قادر على رؤية الوجوه ويستطيع أيضا أن يحدد مصدر الضوضاء؛ إذا تحدث له شخص بصوت مرتفع وغاضب يتفاعل معه، فيتوهج ويهرب. وليس هذا وحسب كما أنه لو برمج بشكل صحيح فسيكون قادر على التمييز بين شكل الابتسامة والعبوس أيضا.
لكن مع كل هذا، فلن يكون الروبوت مع الطفل صديقا إلا مثل علاقة أي طفل بلعبته، ومع الرجل الكبير فلن يكون إلا كسيارته المفضلة.
04. روبوت موكسي (Moxie)
باولو بيريجانيان مدرس ومؤسس شركة (Embodied)، في باسادينا بولاية كاليفورنيا، يقول كان حلم طفولتي أن أحضر إلى الحياة صديقا آليا، عله يكون مساعدا فيساعده في تخليص مهامه أو دروسه، لذلك صنع الروبوت (موكسي).
لكن ما حدث هو أن موكسي لم تكن تستطيع أن تنجز الواجبات لكن بالمقابل كانت تستطيع أن تساعد في المهارات الاجتماعية والعاطفية، ومع أنها لا تملك أرجلًا ولا عجلات، لكن مع هذا يمكنها أن تدور وتحرك ذراعاها بطريقة معبرة، وأيضا تمتلك شاشة تظهر عليها وجها كارتونيا، تستطيع الروبوت موكسي أن تعزف الموسيقى، وتقرأ الكتب للأطفال، وتلقي النكات، وتطرح الأسئلة، وحتى يمكنها أن تتعرف على المشاعر من خلال صوت الإنسان.
05. روبوت العناق HuggieBot
هذا الروبوت رغم أنه ليس كأقرانه من الروبوتات الاجتماعية التي ذكرناها لكنه يمتلك خاصية قد لا يمتلكها معظم الروبوتات ألا وهي خاصية العناق. فهذا الروبوت له القدرة على العناق ويطلب العناق أيضا، وقد اتضح أن هذا الأمر صعب جدا بالنسبة إلى الروبوتات، فيجب على الروبوتات أن تقوم بتعديل من احتضانها لكي يناسب كل الأشخاص من مختلف الأحجام، الصغير والطويل والسمين والضعيف. لذلك تم استخدام الكمبيوتر لتحديد ما إذا كان عليه أن يرفع ذراعه أو يخفضها لكي تتم عملية الاحتضان بصورة صحيحة. كما أنها تراعي مسألة البعد والقرب في حال الاحتضان، كما تم تعين مدة الوقت واستخدام أذرع خفيفة وناعمة لكي يتم الاحتضان بصورة صحيحة ودافئة وبلا أي مخاطر.
بدأ العمل على هذا الروبوت لأول مرة في عام 2016، واستمر العمل عليه إلى عام 2022، وقد أحضر نسخة منه إلى مؤتمرEuro Haptics، حيث تحصل على جائزة. عندما يمر شخص بالقرب منه، يقول الروبوت؛ أنا مستعد للعناق! فإذا أقترب منه الشخص يقوم الروبوت بلف ذراعيه المبطنتين والدافئتين حوله بلطف، وعناية، فإذا قام الشخص بالتربيت أو الفرك أو الضغط أثناء العناق يقوم الروبوت بالمثل معه كنوع من الاستجابة.
قد يسأل البعض لماذا قد احتاج إلى احتضان روبوت أو آلة؟ ما الفائدة من روبوت معانق؟!
قد لا يكون لهذا الروبوت فائدة كبيرة، لكن ممكن أن يكون له فائدة على الأمد البعيد في المستقبل، فلقد رأينا جائحة كورونا وكيف جعلت بعض المصابين في عزلة بعيدا عن عوائلهم ومحبيهم ولا نستطيع حتى معانقتهم، قد ينفعنا هذا الروبوت مستقبلا لو مررنا في نفس الموقف. ليس هذا فقط، فهناك الكثير من الأطفال أو المسنين في دار العجزة الذين تقطعت بهم السبل قد تكون هذا النوع من الروبوتات الاجتماعية مناسبة لهم في تحسين حالتهم النفسية وإعطائهم بعض الحركة والنشاط.
أهم الصعوبات أمام الروبوتات الاجتماعية
من الصعوبة التي قد تواجه الروبوتات الاجتماعية في التواصل مع البشر هو الكلام واختلاف لهجة الكلام من شخص إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى. فمعظم الروبوتات التي كانت تتواصل مع البشر ولو بالشيء القليل هي لم تكن تدرك أو تفهم الكلام الموجه لها، لذلك يعمل الباحثون على طريقة قد تساعد في التواصل مع الروبوتات.
وبما أن جميعنا عندما نتكلم ونقوم ببعض الإشارات التي غالبا ما تكون عفوية لكنها تشير نوعا ما إلى الكلام الذي ننطق به، بل طريقة ضحكنا تختلف من حيث المواقف المضحكة الذي نتعرض له، لذلك رأى الباحثون أن يبدؤوا من هذه الطريقة وهي برمجة الروبوتات على فهم الإشارات دون الكلام، بل وحتى معرفة طريقة الضحك ومتى يجب عليهم أن يضحكوا، لذلك وجب إدخال إلى برمجتهم ما يقارب 150 ضحكة مختلفة!
ولا يزال هناك الكثير من المهام التي تحتاج لها الروبوتات لكي تكون صديقة للبشر، لذلك هي تحتاج المزيد من العمل والبحث والدراسة، وقد أيضا لا تصل إلى الغاية المنشودة، فلا يمكن أن تجد صديقًا جيدًا لك أفضل من الإنسان الذي يمتلك نفس مشاعرك وأحاسيسك. أما الروبوت لا يمكن أن يكون صديقا لك، لكن يمكن أن يكون أفضل مساعد، وأفضل وسيلة ممكن أن تسلينا مستقبلا في حال كنا نعيش الوحدة.
لمحة تاريخية
أول روبوت يسجل عبر التأريخ كان روبوتًا صناعيًا وقد استخدم فعليا في مصنع والذي كان من إنتاج شركة (جنرال موتورز)، وكان هذا في عام 1961، وقد أطلق على هذا الروبوت اسم (UMINATE). وتم استخدامه لأول مرة في مصنع الشركة الذي يقع في ولاية نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية.
ومر الروبوت بالعديد من التطورات ففي عام 1969، قام الباحثون في جامعة سانفورد الأمريكية باختراع أول ذراع روبوتية يتم التحكم بها عن طريق الحاسوب. في تلك الفترة كانت الحواسيب كبيرة الحجم جدا، فالحاسوب الواحد كان يملأ غرفة بأكملها! أما الحاسوب الذي يكون بحجم صغير، فكان في حجم الثلاجة متوسطة السعة.
إلى هنا انتهى الحديث عن الروبوتات وعالمها، ولكن البحوث والدراسات في تطورها ما زالت مستمرة ولن تتوقف، عسى في يوم من الأيام أن يكون لها دورٌ فعالٌ في حياتنا، لكن الأهم لو تحققت مستقبلا، يجب أن لا نجعلها سببا لنكون كسالى، بل على الإنسان أن يكون حيويا ونشطا فهو قد وجد في هذه الحياة للعمل وليس للراحة والنوم.